محاربة العلم بنسخته المزيفة

بنظري هناك نسختين للعلم، نسخة نقية تعتمد في استخلاصاتها على أحدث المناهج العلمية التي تطورت ولازالت تتطور بحد ذاتها ايضًا (راجع التسلسل الزمني لتاريخ المنهج العلمي)، وهناك أيضًا نسخة مزيفة للعلم وهي العلوم التي تعتمد في استخلاصاتها “العلمية” بناءًا على تأطيرات وتدخلات من قبل لعادات أو الثقافات أو السياسات أو حتى الأديان بمختلف أنواعها ومسميّاتها.

 وهنا يحدث اللغط والخلط بين النسختين لكثير من الأسباب، أهمها:

  • الكسل في تعقّب المراجع العلمية المذكورة والتأكد من صحتها.
  • الإنحياز للنتائج التي تتوافق مع بعض أو كل الأطر الخاصة بفئة معينة (العادات، الثقافة، السياسة، الدين)
  • المنافع المادية لفرد أو مجموعة (شركة أو سياسة دولة) في دحض حقيقة علمية أو تصديق كذبة علمية.
  • الإعتماد على نتيجة دراسة علمية مفردة أو النتائج الأولية للدراسات التمهيدية.
  • الإنتقائية في اختيار الدراسات العلمية التي تتوافق مع مصلحة أو أطر المجتمع وغض النظر عن المراجعات العلمية الأخرى.
  • تسليط الإعلام على التجارب الغير محكمة والتي تفتقد إلى أبسط الأسس المنهجية العلمية.
  • التركيز على الفئة المصابة بأمراض مستعصية لاستغلالهم ماديًا عبر أمل كاذب باستخدام تقنيات بدائية لم تثبت فعاليتها علميًا مثل (الإبر الصينية، الكيّ العشوائي)

أن حرية العلم والعلماء هي السبب الرئيسي في تطور العلم، ولكن عندما يتم تأطير العلم والتدخل في مخرجاته فهنا سيخذلنا العلم بهذا المفهوم وسيسمح بإعادة الأمراض مثل الحصبة بسبب رفض تطعيم الأطفال، والتلوث البيئي بسبب تكذيب موضوع التغير المناخي الناتج عن الإحتباس الحراري، وغيرها من الإضرار التي تجاوزها العلم قبل عقود من الزمن أو حتى قرون ماضية.

ربما يعتقد البعض أن هذه المغالطات موجهة فقط لعالمنا العربي المتأخر في الكثير من المجالات والمليء بمثل هذه الخرافات، ولكن المصيبة أنها ليست كذلك، بل أن البشرية كلها تعاني من هذه المغالطات بمختلف مسميّاتها وأنواعها، وهذا تسبب في خفض الدعم المالي للأبحاث العلمية في كثير من الدول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية (تقليص ميزانية ناسا بـ 300 مليون دولار)، وذلك يشمل دراسات علم المناخ والتي قد تتسب في التوقف عن جمع البيانات المفيدة للأبحاث إضافة إلى إيقاف الأبحاث العلمية أيضًا، هنا فيديو قصير ومعبّر من قناةAsapSCIENCE :

 

هناك أيضًا مقالة رائعة تشرح ماهية النظرية العلمية بطريقة مبسطة وسلسة للمهندس حسين هاني ، أنصح جدًا بقراءتها.

عن حسن البلوي

مبتعث جامعي للحصول على الدكتوراة من جامعة كارنيجي ميلون ، وحاليًا أكمل دراسة الدكتوراة في كلية الهندسة بجامعة كارنيجي ميلون ، ومجال بحثي في واجهة الدماغ والحاسوب، تشرفت بالعمل مع الدكتور محمد قاسم في صفحة السايوير في الفيسبوك كمشرفًا للصفحة ومحررًا للمحتوى، وحاليًا أعمل على تسجيل حلقات الميني سايوير بودكاست والتي تتناول مواضيع علمية واهم المستجدات في الدراسات والبحوث العلمية.

شاهد أيضاً

التلاعب بالذكريات عن طريق الضوء

باحثون في مركز الأعصاب والعلوم النفسية في جامعة UC Davis استخدموا الضوء لمسح ذكريات معينة …

اترك رد