لماذا نشعر بمرور الوقت بسرعة أكبر حينما نستخدم التكنولوجيا؟

عاما بعد عام ، نشعر بأن الوقت يمضي بوتيرة أسرع من ذي قبل. فلا يلبث أن يحين موعد أحد الأعياد – على سبيل المثال –  إلا وقد مضى الوقت سريعا حتى يصبح موعد العيد القادم على الأبواب دون أن ننتبه! ما الذي يحدث في حقيقة الأمر؟

على خلاف الاعتقاد السائد بأن ذلك ليس إلا أحد سلبيات التقدم في السن، فقد وجد علماء النفس دليلا يفيد بأن استخدامنا الدائم للتكنولوجيا يؤثر في مدى فاعلية معالجة أدمغتنا للبيانات، الأمر الذي يترتب عليه احساسنا بأن الوقت يمضي سريعا.

وعلقت “إيفي ماكلوغلين”، من جامعة جيمس كوك بسنغافورة، قائلة: “لقد توصلنا الى أن التفاعل مع التكنولوجيا في المجتمعات المتمحورة حول التقنية قد ازداد – إلى حد ما – من سرعة ساعتنا البيولوجية . وبينما يجعلنا هذا نعمل بشكل أسرع، إلا إنه يزيد من الضغط الذي ينشأ عن سرعة مضي الوقت.”

وعلى العكس من استخدام التكنولوجيا – والتي تعتبر ظاهرة حديثة نوعا ما، فإن ملاحظة السرعة التي يمضي بها الوقت يعد أمرا مألوفا للبشر منذ القدم. على سبيل المثال، وبالرجوع إلى أيام الثورة الفرنسية، فإنه قد وجد من كان يشتكي من سرعة وتيرة الحياة المعاصرة.

وعلاوة على ما سبق، فقد لاحظت “ماكلوغلين” أن تصورنا لمرور الوقت يزداد بشكل مضطرد بسبب وجود الهواتف الذكية. لقد أجرت بحثها على مجموعة من الأشخاص الذين يستخدمون التكنولوجيا بشكل دائم، وآخرين نادرا ما يستخدمونها، وقامت بمقارنة المجموعتين. بعد المقارنة، توصلت إلى أن أفراد المجموعة التي ظلت دائما متصلة بالانترنت باستخدام الهواتف المحمولة يميلون إلى المبالغة في تقدير الوقت المنقضي أكثر من نظرائهم في هذا البحث، حيث أنهم قدروا الوقت المنقضي أثناء جلوسهم في الغرفة بساعة كاملة، بينما في الحقيقة مرت 50 دقيقة فقط. هذا الاختلاف في المنظور قد يجعل أفراد المجموعة المتصلة يشعرون بالتوتر لأنهم يشعرون وكأن الوقت ينفذ، بعكس أفراد المجموعة غير المتصلة.

وفي معرض حديثها لصحيفة ” ساينس آلرت”، أضافت ماكلوغلين: ” الأمر أشبه بمحاولة محاكاة التكنولوجيا  في سرعتها وفاعليتها. يبدو وكأن هناك شيئا ما في التكنولوجيا ذاتها يدفعنا إلى تسريع ساعتنا البيولوجية المسؤولة عن الشعور بالزمن.” إن النتائج تدعم فكرة وجوب الابتعاد عن الشبكات الاجتماعية والانترنت كل أسبوع، وذلك للحفاظ على سرعة إيقاع ساعتنا البيولوجية، إذ أضافت الباحثة :”هناك أساس معرفي قابل للقياس يدفع باتجاه هذه الفكرة وليست فقط مجرد دعوة للعودة خطوة إلى الخلف. إنها أشبه بالسبب العلمي الذي يدفعنا للتوقف وشم رائحة الزهور.”

لكن ورغم ذلك، تحاول ماكلوغلين معرفة ما إذا كان هنالك آثار بعيدة المدى لهذه الظاهرة – ايجابية كانت أو سلبية – على حياتنا، حيث أظهرت بعض البحوث نتائج تفيد بأن التكنولوجيا قد تساعدنا في معالجة المعلومات بكفاءة أكبر، وبالتالي نصبح أسرع في تنفيذ المهام واختصار الكثير من الوقت. “وعلى الجانب الإيجابي، فسرعة معالجة الأحداث قد تكون ايجابية في بعض المواقف”، تضيف الباحثة.

وفيما يتعلق بالسلبيات، قالت الباحثة: “من المحتمل أن التعرض للتوتر والضغوط بسبب سرعة مرور الوقت يرتبط بأمراض القلب، بالاضافة إلى أمور أخرى. وقد يكون ذلك أيضا سببا في ظهور مشاعر الحزن والألم لدى كل من الرجال والنساء، وربما يزيد من مستويات الاكتئاب لدى النسوة اللائي يعملن خارجا.”

وفي الختام ، فإن الخبر الجيد في هذه الدراسة هو أن الوقت في الحقيقة لم يصبح أسرع، إنما أدمغتنا تتصور ذلك! لكن السيء في الموضوع هو أننا مشغولون جدا في استخدام التقنية لدرجة تجعلنا لا نقدر أهمية الوقت الذي نمضيه!

المصدر: Science Alert

عن عبدالله سليمان

محب للعلم ، اعمل مترجما حرا في اوقات الفراغ

شاهد أيضاً

منعطف تاريخي في إطلاق الصواريخ من سبيس إكس

أنزلت سبيس إكس (SpaceX) المرحلة الأولى من صاروخها فالكون 9 (Falcon 9)، واستخدمت الكبسولة “تنين” …

اترك رد