لماذا لا تزال حيا رغم الأمراض؟ شرح مبسط للمناعة (فيديو)

لماذا لا تزال أنت حي رغم الهجوم المتواصل من الجراثيم مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات وغيرها؟ لأن جسمك المعقد متطور بما فيه الكفاية لحماية نفسه من كل تلك الأشياء.

هذه ترجمة للقطة الفيديو (ترجمة غير حرفية):

ماذا يحدث حينما يتعرض جسمك للعدوى؟ لنفترض أنك دست على مسمار، وشق المسمار طريقه في جلدك، ستبدأ البكتيريا بالدخول إلى الجسم، عندها تتكاثر، وستعتمد على مصادر من جسمك لزيادة أعدادها بحيث تتضاعف كل 20 دقيقة.

في البداية لن تشكل هذه البكتيريا خطرا على الإنسان، ولكن بعد وصلوها إلى عدد معين، ستبدأ بتغيير البيئة من حولها. حينئذ ينطلق النظام المناعي لإيقافها بسرعة. فتبدأ أولا ما يلقب بـ”الماكروفيج” (Macrophage) بالتدخل، وهذه الخلايا كبيرة جدا، وهي تحمي حدود الجسم بالكامل.

في الغالب كل واحدة من “الماكروفيج” قد تتمكن من أن تقضي على الجراثيم لأنها تستطيع أن تلتهم 100 جسم غريب. حينما تدخل البكتيريا إلى داخل الخلية تحيط بها بغشاء، ثم تفنيها باستخدام إنزيمات. أضف لذلك أنها تقوم بتهييج المنطقة لتصبح ملتهبة، حتى يقوم الجسم بضخ الماء، وذلك لتسهل محاربتها للجراثيم.

حينما تصاب بجرح وتدور الحرب لمدة طويلة، تقوم هذه الخلايا بإرسال رسائل من البروتينات وتطالب بالمساعدة للمكان الذي هي فيه، وتؤكد على ظرورتها. فتقوم خلايا أخرى تسمى بـ “نيوترا فايلز” (Neutraphils) بالسفر عبر الدم إلى مكان الحرب. المشكلة في هذه الخلايا أنها تقاوم بشراسة إلى درجة أنها تقتل معها خلايا صحيحة في الجسم. وتقوم هذه الخلايا أيضا بصناعة حواجز لاصطياد البكتيريا وقتلها. وفي نهاية عمرها بعد 5 أيام تنتحر حتى لا تصيب الجسم بالأذى.

قد لا يكفي ذلك كله، فإن كانت الحرب في أشدها ولم تنتهي، هنا يبدأ عقل النظام المناعي بالتدخل. يقوم “الماكروفيج” بطلب المساعدة من الزوائد الشعيرية. فتأخذ عينات من “الأعداء”، بحيث تقطع البكتيريا إربا، ثم توضع على الطبقة الخارجية من الزوائد الشعيرية. وهنا تقرر الخلايا إن كانت ستدعو مضادات للفيروسات، أو عساكر من مقاتلي البكتيريا، وفي حالة البكتيريا، يقوم الجسم بطلب المساعد من مضادات البكتيريا.

تسافر هذه الخلايا إلى أقرب عقد لمفاوية خلال يوم، حيث تنتظرها خلايا المناعة T، كلها جاهزة للتفعيل. خلايا T مبرمجة بحيث تقاتل أنواع من البكتيريا، حينما تأتي خلايا الزوائد الشعيرية فستبحث عن الخلايا المناسبة لتلك البكتيريا التي حللتها من قبل. حالما تكشف الخلايا T الصحيحة، تبدأ التفاعلات السلسلية بالحركة. وتنطلق خلايا المناعة في التكاثر بسرعة. بعضها يبقى في القعد اللمفاوية، حيث أنها تتذكر تلك البكتيريا اللعينة، حتى تدافع عن الجسم في المرات القادمة.

بعض الخلايا T تتوجه للقتال في منطقة الحرب، قسم ثالث منها يتوجه إلى العقد اللمفاوية لتشغل سلاحا فتاكا. إنها خلايا B، حينما تتلاقى الخلية T مع B وتتناسب معها، تنطلق الخلايا B بالتكاثر، ثم تصنع ملايين الأسلحة الصغيرة. ولكن من شدة عملها المضني تموت من التعب بسرعة. فتقوم الخلايا T المساعدة بتحفيز الخلايا B لإبقائها على قيد الحياة لمدة أطول.

ما هو هذا السلاح الفتاك الذي تنتجه الخلايا B؟ إنها المضادات الحيوية. وهي بروتينات تقوم بالارتباط بالبكتيريا، وتقوم الخلايا T المساعدة بطلب من الخلايا B لصناعة مضادات حيوية من نوع معين بكثافة أكبر، الملايين من هذه المضادات تملأ الجسم إلى أن يتشبع.

نعود مرة أخرى إلى الحدود حيث الحرب لا زالت قائمة، والخسارة على جانب الجسم، والبكتيريا في حالة تكاثر. ولايبدو أن المعركة من صالح الخلايا التي بدأت الحرب، وهنا تأتي المضادات إلى ساحة المعركة، فتعطل الكثير من البكتيريا، فتلتصق المضادات بالبكتيريا وتجعلها سهلة الالتهام من “الماكروفيج”، هنا تتغير المعركة من صالح الجسم، فيتم التخلص من البكتيريا.

لقد قضي على الكثير من خلايا الجسم، ولكن الجسم سيعمل على إعادة إنتاجها مرة أخرى. وهنا تبدأ خلايا الدفاع بالانتحار بعد الحرب، حتى لا تبدد موراد الجسم. وتبقى الخلايا الأخرى التي تتذكر هذا النوع من البكتيريا حية، حتى إذا ما أتتها نفس البكتيريا مرة آخرى، ستقاومه وتقتله بسرعة كبيرة، من غير أن  تلاحظ أنها أصابتك.

هذا كان شرحا مبسطا لجزء بسيط من نظام الحماية. الحياة معقدة، ولكننا إن فهمناها نرى عجائبها.

 

عن محمد قاسم

د. محمد قاسم هو أستاذ مساعد في كلية الدراسات التكنولوجية في الكويت، يحاضر في قسم الهندسة الإلكترونية، يعد ويقدم السايوير بودكاست (برنامج علمي تكنولوجي صوتي)، وكذلك يكتب في موقع الجزيرة (علوم)، ويشجع ويحث على العلم بشغف كبير.

شاهد أيضاً

العلماء يتمكنون من إنتاج “بويضة ناضجة وظيفيا” من خلايا الجلد

باستخدام خلايا الجلد المستخرجة من الفئران، تمكن الباحثون في اليابان من إنتاج بويضة تعمل بشكل …

اترك رد