كيف تساهم ميكانيكا الكم في شرح الاحترار العالمي أو الاحتباس الحراري (فيديو)

لقطة من تيد التعليمي تبين كيف نفهم الاحتباس الحراري من خلال ميكانيكا الكم، قد تغير هذه اللقطة من معرفتنا لسبب ارتفاع درجة الحرارة على الأرض، حيث أن الكثير منا لا يفهم آلية ارتفاع درجة الحرارة.

ربما سمعت أن ثاني أكسيد الكربون يرفع من درجة حرارة الأرض، ولكن كيف تتم هذه العملية؟ هل هو مثل زجاج “الدفيئة الزرعية” (Greenhouse) أو مثل البطانية العازلة؟ إنه ليس كذلك كليا. الإجابة تتطلب شيء من الميكانيكا الكمية. ولكن لا تتضايق، سنبدأ بقوس قزح.

إذا نظرت إلى ضوء الشمس حينما يفترق في منشور، ستلاحظ أن هناك فراغات سوداء بين الألوان، أين ذهبت؟ قبل أن تصل هذه الأضواء إلى العين، امتصتها غازات معينة، فعلى سبيل المثال، الأكسجين امتص بعض الضوء الأحمر الداكن، والصوديوم سلب خطين من اللون الأصفر، ولكن لماذا امتصت هذه الغازات ألوان محددة من الضوء؟ في هذه المرحلة سندخل إلى عالم ميكانيكا الكم لنفهم الإجابة.

كل ذرة وجزيء يحتوي على عدد محدد من مستويات الطاقة التي يتواجد فيها الإلكترونات، حتى تنتقل الإلكترونات من مستوى منخفض إلى مستوى أعلى، يحتاج الجزيء إلى قدر محدد من الطاقة، فتحصل على هذه الطاقة من الضوء، والضوء يأتي بمستويات كثيرة جدا، أكثر بكثير مما نستطيع عدها.

الضوء يأتي بجسميات صغيرة تسمى بالفوتونات، وكمية الطاقة الموجودة بكل فوتون تتوافق مع لونها، فالضوء الأحمر يأتي بطاقة أقل، وموجة أطول، والضوء البنفسجي يحمل طاقة أكبر بطول موجي أقصر. أشعة الشمس تنشر كل فوتونات الضوء الموجودة في قوس قزح، فتلتقط الغازات الفوتونات المناسبة لرفعها إلى متسوى الطاقة الأعلى، وحينما يلتقي الضوء مع الجزيء يختفي الفوتون وترتفع طاقة الجزيء، فنحصل على فاصل صغير في ألوان قوس قزح، وإذا كان الضوء لا يحمل الطاقة المحددة (إن كان أقل أو أكثر) لن يمتصه الجزيء وسيتم تمريره. وهذا هو السبب الذي يجعل الزجاج شفافا، فالذرات التي تكونه لا تنسجم جيدا مع مستويات الطاقة في الضوء المرئي، فتمر الفوتونات خلاله.

ما هو الفوتون الذي يفضله ثاني أكسيد الكربون؟ أين هو الخط الأسود في قوس قزح الذي يفسر الاحترار العالمي؟ في الحقيقة أنه غير موجود، فثاني أكسيد الكربون لا يمتص الضوء مباشرة من الشمس، بل إنه يمتص الضوء من جسم سماوي آخر، جسم لا يبدو أنه يشع بالنور بتاتا، إنها الأرض. إذا كنت تتساءل لماذا لا تبدو الأرض مشعة، فالجواب هو أن الأرض لا تشع ضوء مرئيا، إنها تضيء بالأشعة التحت حمراء.

كل الأضواء التي تراها أعيننا بالإضافة لألوان قوس قزح إنما هي جزء صغير جدا من الأشعة الكهرومغناطيسية، والتي تشتمل على الموجات الرادوية، والموجات الميكروية، والتحت الحمراء، والفوق بنفسجية، والأشعة السينية، بالإضافة لأشعة غاما، قد يبدو من الغريب أن نفكر في هذه الأشياء على أنها ضوء، ولكن لا يوجد أي فارق أساسي بين الضوء المرئي والإشعاعات الكهرومغناطيسية. إنها طاقة من نوع واحد، ولكنها على مستويات مختلفة.

في الحقيقة أنه من التعجرف تسميتها بالضوء المرئي بسبب محدوديتنا، فالأشعة التحت الحمراء مرئية للأفاعي، والأضواء الفوق بنفسجية مرئية للطيور، ولو أن عيوننا متأقلمة لرؤية ترددات بقدر 1900 ميغا هرتز، لبدا جهاز الهاتف المتنقل لنا وكأنه مصباح يدوي، وسيبدو برج الاتصالات الخلوية وكأنه مصباح هائل.

الأرض تضيئ بالإشعاعات التحت الحمراء، وذلك لأن أي جسم يمتلك حرارة أكبر من الصفر المطلق سيشع ضوء، ويسمى ذلك بالإشعاع الحراري، كلما ازدادت حرارة الأجسام كلما كان تردد الضوء الصادر منها أكبر، فإذا سخنت قطعة من الحديد ستشع ترددات مختلفة من الضوء التحت الأحمر، وحينما تصبح حرارتها حوالي 450 درجة مئوية، ستصل إشعاعاتها إلى الضوء المرئي، في البداية ستبدو حارة محمرة، ومع زيادة الحرارة ستشع باللون الأبيض الذي يحتوي على كل ترددات الضوء المرئي، وهذه هي الطريقة التي تعمل بها المصابيح التقليدية، ولهذا فهي مبذرة للطاقة، فـ 95% من الضوء الذي تصدره هو خفي عن العيون، ولذلك فهي تتبدد على شكل حرارة.

الأشعة التحت الحمراء التي تبثها الأرض كانت ستتسرب إلى الفضاء لو لم تكن هناك جزئيات الاحتباس الحراري في الأجواء، كما أن الأكسجين يفضل الفوتونات الداكنة الاحمرار، كذلك فإن ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى تتواءم مع الفوتونات التحت الحمراء، التي توفر الطاقة الصحيحة لنقل الجزئيات إلى مستويات الطاقة الأعلى.

بعد أن يمتص جزيء ثاني أكسيد الكربون فوتون الضوء التحت الأحمر بقليل سيرجع مستوى الطاقة إلى مكانه مرة أخرى، وسيطلق فوتونا آخر في اتجاه عشوائي، جزء من الطاقة سيرجع إلى سطح الأرض مرة أخرى، مما يتسبب برفع درجات الحرارة، وكلما ازدادت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الأجواء، كلما ازداد عدد الفوتونات التي تنزل إلى الأرض مرة أخرى، ثم يتغير المناخ.

المصدر: TedEd

عن محمد قاسم

د. محمد قاسم هو أستاذ مساعد في كلية الدراسات التكنولوجية في الكويت، يحاضر في قسم الهندسة الإلكترونية، يعد ويقدم السايوير بودكاست (برنامج علمي تكنولوجي صوتي)، وكذلك يكتب في موقع الجزيرة (علوم)، ويشجع ويحث على العلم بشغف كبير.

شاهد أيضاً

المرصد لايغو يصطاد ثقبين سوداوين للمرة الثالثة

لقد رصد المرصد لايغو ثقبين سوداوين وهما يندمجان، وهذه هي المرة الثالثة التي ينجح العلماء …

4 تعليقات

  1. اعتقد انه توجد اشعة تحت حمراء قادمة من الشمس، ف لماذا لا تتفاعل مع جزيئات ثاني اكسيد الكربون؟ وشكرا لكم على المقال استفدت الكثير

    • صحيح أن الأشعة قادمة من الشمس، وذرات الكربون ثؤثر عليها بنفس الطريقة، ولكن لا تنسى أن الفكرة الأساسية هي أن الحرارة هذه في النهاية تبقى في الأرض وتتراكم، ولا تخرج عنها. ولذلك كان التركيز على الحرارة التي تحاول أن تتخلص منها الأرض في الفضاء.

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أستاذي الفاضل ، عندما يمتص ثاني أكسيد الكربون الفوتونات للإشعة تحت الحمراء القادمة من الارض يرتفع مستوى الطاقه بعد فترة وجيزة يفقد الجزي الطاقه ويبعث فوتون باتجاه عشوائي .
    أليس من الصحيح ان عدد الفوتونات ألخارجه من سطح الارض اكبر من عدد الفوتونات المنعكسة علي الارض ؟
    اذا لماذا ترتفع درجة حراره الارض ؟

    شاكره لك

  3. عفا هذا هو أيميلي الصحيح

اترك رد