بكتيريا خارقة مقاومة للمضادات، وعدوى مستعصية

عادة ما تستخدم المضادات الحيوية لمقاومة الأمراض بكتيرية المنشأ. وقد تكتسب البكتيريا صفاتا تساعدها على مقاومة المضادات الحيوية مما يؤدي إلى ظهور أنواعا منها مقاومة للمضادات الحيوية. فحسب إحصائية أجراها مركز مكافحة الامراض (CDC)، يصاب اكثر من 200000 شخص بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ويموت منهم 23000 شخص جراء تلك الإصابات.

أمست تلك الطفرات الوراثية التي تكسب البكتيريا مقاومة للأدوية مصدر قلق للباحثين والأطباء لعدم قدرتهم على انتاج أدوية جديدة ومستمرة كل مرة عند ظهور طفرة جديدة لها.

ففي خلال شهر مايو، أصيبت إمرأة في ولاية بنسلفانيا ببكتيريا معدية تدعى إشريكية قولونية (E. coli) وعندما حاول الأطباء معالجتها، اكتشفوا أن تلك البكتيريا كانت مصابة بها تقاوم عدة مستويات من المضادات الحيوية، منها مضاد حيوي يدعى كوليستين (Colistin)، حيث يعتبر السلاح الأخير والأقوى لمحاربة الأمراض البكتيرية. وبعد التمحيص في حالة تلك المريضة، اكتشف الباحثون في معهد والتر رييد للأبحاث (WRAIR) ان تلك البكتيريا بالذات تحتوي على جين يدعى (MCR-1).

يخزن الجين (MCR-1) في دائرة صغيرة من الحمض النووي الموجود في البكتيريا (حمض نووي مستقل عن الحمض النووي الرئيسي لها) يدعى بلازميد. وعندما تكتسب البكتيريا تلك البلازميد التي تحتوى على الجين، تحصل على ميزة مقاومة العديد من المضادات الحيوية ومنها الكوليستين. مؤدية إلى إضعاف قوة المضادات الحيوية لها. قال الإستاذ المساعد الدكتور جون روس من كلية الطب في هارفاد: “هذا التطور في مقاومة المضادات الحيوية مثير للقلق لأن الأطباء لا يستخدمونه غالبا،” ولكن لا بأس من استخدامه عند الضرورة من باب الحيطة: “عندما تكتسب البكتيريا مقاومة ضد مضادات حيوية مثل الكوليستين، فكأنك قد خسرت آخر ملاذ آمن ضد العدوى”.

لقد اكتشفت العديد من البكتيريا التي تحتوي على جين (MCR-1) حول العالم، الخوف الحقيقي هو انتقال ذلك الجين الى نوع من البكتيريا التي تقاوم نوع آخر من المضادات الحيوية والتي تدعى كاربابينيم. وعندما لا تستجيب العدوى للكاربابينمينات (carbapenems)، يستخدام الكوليستين كحل نهائي لتلك المشكلة. ولكن في حالة اكتساب البكتيريا المقاومة للكاربابيمينات للبلازميد الذي يحتوي على جين (MCR-1)، تصبح مقاومة لجميع المضادات الحيوية، تلك البكتيريا تدعى “بكتيريا خارقة” (Superbug).

توجد عدة عوامل تتسبب في زيادة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، منها:

1- استخدام المضادات الحيوية في الزراعة وتربية الدواجن
أدى الاستخدام الموسع للمضادات الحيوية في مزارع تربية الدواجن الى زيادة مقاومة البكتيريا للأدوية الموجودة في الحيوانات وبالطبع ستنتقل تلك البكتيريا إلى البشر بعد استهلاك تلك اللحوم ومنتجات الألبان.

2- تطور البكتيريا
تتطور البكتيريا بوتيرة أسرع من قدرة العلماء على إنتاجهم وفهمهم الكامل لآليات المضادات الحيوية القادرة على اللحاق في مكافحة وعلاج العدوى المُسببة من تلك الميكروبات.

3- الاستخدام الزائد للمضادات الحيوية
وأضاف الدكتور روس: “إن الفيروسات هي عادة ما تسبب التهابات الجهاز التنفسي الشائعة والحلق (الأمراض الموسمية). لا جدوى المضادات الحيوية في علاج الأمراض التي يكون سببها فيروسي. مما يؤدى الى استهلاك طبي غير ضروري للمضادات الحيوية”.

ظهور البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية لا يعني اصابة الأصحاء بها مباشرة، ولكنها قد تصيب الأشخاص ضعيفي المناعة في المستشفيات، ولذلك ينصح الأطباء مرضاهم على استخدام المضادات الحيوية عند الضرورة القصوى فقط.

وذكر روس أيضا: “من الأفضل للمرضى أن لا يستخدموا المضادات الحيوية عند العدوى، فغالبا لا تسرع تلك المضادات الحيوية من وتيرة الشفاء.” وأكمل قائلا: “كمجتمع، نحن بحاجة إلى حوار حول كيفية التقنين من استخدام المضادات الحيوية”.

المصدر: Harvard Health Publications

عن علي الناصر

طالب بكالوريوس في جامعة الكويت - كلية العلوم الطبية المساعدة - قسم المختبرات الطبية. عضو في معهد العلوم الطبية الحيوية (IBMS). اهتماماتي غالبا ما تصب في مجالات العلوم الطبية الحيوية. ولدي اهتمامات متعددة في علوم الفيزياء والكيمياء.

شاهد أيضاً

طيور قادرة على الطيران المتواصل لمدة تقارب السنة!

إلى محبي الطيور، هذا الخبر قد يهمكم! لقد اكتشف باحثون دليلا يفيد بأن طائر “السمامة …

تعليق واحد

  1. شكرا على المعلومة ..
    الوضع في الدول العربية ربما يكون اسوأ وذلك ان الاستخدام لا يتم طبقا للتجارب المثبتة .. كما ان الحصول على معظم الادوية والمضادات بدون وصفة امر منتشر وعادي في بلداننا .

اترك رد