بحث يكشف نحو مئة منطقة جديدة في القشرة الدماغية

Credit: © Royalty-Free/CORBIS (MARS)
Credit: © Royalty-Free/CORBIS (MARS)

تأمل كثافة العالم من حولنا والدول المترامية الاطراف وهي مرسومة كتلك الخرائط التي تساعدنا على معرفة موقعنا، ومعرفة الدول التي تختلف بعضها عن بعض. لقد رسم علماء الاعصاب – الآن – خريطة مشابهة لطبقة الدماغ الخارجية (تلقب بالقشرة الدماغية)، وقسموا نصف الدماغ كتضاريس جبل – ووادي – إلى 180 قسم منفصل.

نشرت خريطة دماغية جديدة في مجلة الطبيعة (Nature). حيث لم يسبق أن ذكر 97 من هذه المناطق من قبل، بالرغم من أنها تظهر لنا فروقات واضحة من الناحية البنيوية والوظيفة، وكذلك طرق الاتصال بينها وبين المناطق المجاورة لها.

ديفيد فان ايسن، عالم الأعصاب في كلية جامعة واشنطن الطبية في سانت لويس بولاية ميسوري – الذي أشرف على الدراسة – يقول: “كل منطقة مستقلة في خريطة الدماغ تحتوي على خلايا متشابهة في البنية، والوظيفة، والاتصال. لكن المناطق ذاتها تختلف عن بعضها كليًا، وهي كاختلاف دول العالم، لكل دولة حدود وثقافة فريدة من نوعها.”

لم يزل علماء الأعصاب – ومنذ فترة طويلة – يعملون على تقسيم الدماغ لأجزاء صغيرة سعيًا لإدراك كيفية عملها بشكل متكامل. ففي إحدى خرائط الدماغ الواسعة الانتشار قُسمت قشرة الدماغ إلى 52 منطقة على أساس ترتيب الخلايا في الأنسجة، لكن في الآونة الأخيرة، صممت خرائط بواسطة تقنيات حديثة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، والذي يقيس تدفق الدم بناءً على مهام العقل المختلفة.

يقول عالم الأعصاب الحاسوبية في جامعة سنغافورة الوطنية، توماس يو، أنه حتى الآن، لا تزال معظم الخرائط معتمدة على معيار واحد. وهي تقدم لنا نظرة غير مكتملة أو مخادعة لحقيقة الدماغ وطريقة عمله. أما الخرائط الجديدة فتستند على قياسات متعددة من خلال التصوير بالرنين المغناطيس، وقد قال عنها توماس يو: “أن نتائجها وتقديراتها الحية لمناطق القشرة الدماغية تزيد من ثقتنا بها بشكل كبير.”

فرق تسد

White_Matter_Connections_Obtained_with_MRI_Tractographyقام فريق من علماء الأعصاب بقيادة ماثيو جلاسر في جامعة واشنطن قسم كلية الطب ببناء خريطة باستخدام بيانات مصورة جمعت من 210 أشخاص من الشباب الأصحاء المشاركين في مشروع Human Connectome (تعني الشبكة العصبية في الدماغ البشري)، وهي مبادرة من الحكومة الامريكية لرسم مخطط يحتوي على هيكل الدماغ وروابطه وظائفه. حيث تضمنت المعلومات لقياسات سمك القشرة الدماغية، ووظيفة الدماغ، والربط بين مناطق الدماغ، كذلك تخطيط تضاريس الخلايا في انسجة المخ، ومستويات المايلين (مادة عصبية تسرع الاشارات العصبية).

بدت لجلاسر تغيرات كبيرة في مناطق القشرة الدماغية في خاصيتين أو أكثر، واستخدم هذه التغييرات لرسم حدود على مخطط الدماغ. وبين أنه: “إذا ركزت نظرك وحدقت على سطح القشرة الدماغية، في مرحلة ما سوف ستجد الموقع الذي تبدأ منه تغير الخصائص، حيث تتغير الخصائص المستقلة المتعددة في نفس المكان”.

أكدت هذه التقنية على وجود 83 منطقة من مناطق الدماغ والتي ذكرت سابقا، وكشفت عن 97 منطقة جديدة. واختبر العلماء خرائطهم من خلال بحث هذه المناطق والنظر لها في مخ 210 شباب آخرين. ووجد الباحثون أن خريطة الدماغ كانت دقيقة، إلا أن حجم مناطق الدماغ تختلف من شخص لآخر. وهذه الاختلافات اظهرت رؤية جديدة في التغييرات الفردية في كل من القدرات المعرفية وخطر التعرض للامراض.

رؤية محدودة

يقول ريكس جونغ، عالم طب عصبي نفسي في جامعة نيو مكسيكو في البوكيركي: “عندما كنا نركز على إنشاء نموذج للدماغ بحيث يكون جميلا، ومعتدلا، وجديرا بالثقة، فُتحت لنا بحق إمكانية مواصلة استكشاف التشابك الفريد من نوعه في الملكات الفردية بقدراتهم الفكرية والإبداعية – الأشياء التي تجعلنا نحن البشر ذوات قدرات فريدة من نوعها”.

لكن مخطط الدماغ مقيد ببعض النواحي المهمة. من ناحية، هو يكشف بعض الأسس الحيوية للدماغ أو نشاطات الخلية العصبية أو مجموعات صغيرة من الخلايا العصبية. ويقول يونغ: “إنها تشبه التقاط صورة مذهلة من خرائط قوقل لمنطقتكم، حيث الفناء الخلفي الخاص بك”، “ومع ذلك، لا تستطيع أن ترى جيرانك وهم يتحركون في الجوار، وأين هم ذاهبون أو أي نوع من الاعمال يقومون بها.”

ويقول جلاسر: “نحن نفكر في هذا الأمر كأنه الإصدار رقم 1.0، لا يعني هذا انها النسخة النهائية، لكنها خريطة أفضل بكثير من تلك التي لدينا من قبل.”

المرجع: Nature

عن عبدالله زاهر

معلم لغة إنجليزية، كاتب ومترجم، تقني الهواية، طموحي تدريب الشباب ومساعدتهم، محب للقراءة وابحث عن المفيد منها باستمرار.

شاهد أيضاً

اكتشاف أقدم أحافير للبشر في المغرب، تعود إلى 300,000 عام الماضي

اكتشف مجموعة من العلماء أحافير بشرية للهومو سيبين تعود إلى ما بين 280,000 إلى 315,00 عام …

اترك رد