الشعور بالفكرة، كيف يكون؟ العقل والمخ (فيديو)

هل العقل هو شيء مختلف عن المخ أو الجسم؟ هل العقل هو المحرك المتحكم في الجسم؟ أو أنه وهما ينتجه الجسم؟ كيف يتحول ما تستقبله حواسنا إلى شيء شخصي نشعر به في أفكارنا؟ الدراسات العلمية والنقاشات الفلسفية لم تصل إلى نتيجة واضحة، ولكن هناك دراسات تدعي أن السؤال المطروح قد يكون خاطئا، وقد يكون وأن الخط الفاصل بين ما نستعشره باستخدام الحواس والأفكار هو في الحقيقة غير موجود.

الفكرة المتعارف عليها هي أن الحواس تستقبل المعلومات، وبعد ذلك تذهب هذه المعلومات إلى المخ لكي يترجمها إلى ظواهر عقلية، فنرى الأشياء ونسمع الأصوات، ولكن هناك صنف من الناس تستبقل حواسهم المعلومات، ولكن هذه المعلومات تختلط عليهم، فهم يسمعون الألوان، أو يتذوقون الأصوات (سنيستزيا).

اعتقد العلماء – حتى فترة قريبة – أن السبب في وجود السنيستيزيا عند بعض الناس هو الروابط التي تتكون بين مناطق تفسير الحس في المخ، أما الآن فالعلماء يعتقدون أن السبب يعود إلى فهم الأشكال والألوان والأصوات، حتى تتم هذه اللخبطة في الاستشعار (مثل سماع الألوان) لابد لمناطق المخ المسؤولة عن الأفكار العليا بالعمل.

على سبيل المثال الشكل 5 يمكن تصوره على أنه الرقم 5 أو الحرف S، بالنسبة للناس الذين تختلط عليهم الإشارات (السنيستيزيا)، فهم يرون لكل شكل لونا، فالرقم له لون مختلف عن الحرف بحسب طريقة تفسيرهم له، فإذا اعتقدوا أن الشكل هو الرقم خمسة فهم يرونه باللون الأحمر ، ويرونه أزرقا إن اعتقدوا أنه حرفا، على سبيل المثال.

عدد قليل من الناس لديهم هذه الخاصية في تحويل حس معين إلى حس آخر، ولكن في المقابل الكثير من الناس لديهم القدرة على خلط الأفكار، وهذا يطلق عليه بـ “الفكرة الحسية” (Ideasthesia)، الكثير منا يميز أن اللون الأزرق يدل على البرودة، والأحمر يدل على الحرارة، وكذلك فاللون الأحمر يدل على التوقف، والأصفر على التباطؤ والأخضر على الحركة (كما في إشارة المرور)، صحيح أن مثل هذه الأفكار تم تحصيلها ثقافيا، ولكن بعضها إثبت وجوده في الأطفال والقردة، وهي تدل على أن بعض الارتباطات هي فطرية.

خذ على سبيل المثال: هذان الشكلان اللذان أمامك، واحد اسمه”كيكي” والآخر “بوبا”، أيهما تعتقد هو بوبا، وأيهما هو كيكي؟

kiki bouba

التجارب العلمية بينت أن الناس تسمي الشكل الأيمن بوبا، والأيسر كيكي، وذلك بسبب طريقة صدور الصوت من الفم، وكذلك بسبب نوع الصوت بحد ذاته، وهذا أيضا ينعكس على كيفية ربطنا للصوت لشخصية الشكلين، فكيكي هو شكل قلق وذكي، وبوبا هو كسول وبطيء، وهذا يدل على أن المشاعر لا تعيش على جزر استشعارية متفرقة كما كان يعتقد، ولكنه موزع على شكل شبكة الارتباطات.

وهو ما يتيح لنا فهم الاستعارات حتى وإن لم تكن منطقية، مثل المقارنة بين الثلج والبطانية البيضاء، حيث ترتبط الفكرتان مع الشعور بالخفة والنعومة (البطانية ناعمة وخفيفة، وكذلك الثلج)، وهذا أيضا ينطبق على الفن، حيث نربط بين المفاهيم والمشاعر، وهو ينطق على الكلمات والأغاني أيضا، وكذلك القصة التي أحكمت خطتها باستخدام جمل مصاغة بإحاكم.

من الممكن الاستنتاج بأن الفكرة الحسية تدل على أن الحس والفكرة التي تتكونان في المخ تحدثان في نفس الوقت، أي أن الإدراك يتشكل بحسب طريفة فهم العالم، وأن كلاهما مرتبط مع الآخر بطريقة بحيث لا يمكن فصلهما عن الآخر.

لو أتضح وأن هذا المبدأ صحيح، قد يغير هذا من النقاشات العلمية والفلسفية في العقل والمخ.

المصدر: TED-Ed

عن محمد قاسم

د. محمد قاسم هو أستاذ مساعد في كلية الدراسات التكنولوجية في الكويت، يحاضر في قسم الهندسة الإلكترونية، يعد ويقدم السايوير بودكاست (برنامج علمي تكنولوجي صوتي)، وكذلك يكتب في موقع الجزيرة (علوم)، ويشجع ويحث على العلم بشغف كبير.

شاهد أيضاً

طيور قادرة على الطيران المتواصل لمدة تقارب السنة!

إلى محبي الطيور، هذا الخبر قد يهمكم! لقد اكتشف باحثون دليلا يفيد بأن طائر “السمامة …

اترك رد