آلية جديدة تشرح انتقال فيروس الزيكا للمشيمة

بعد معرفة العلماء للضرر الذي يسببه فيروس زيكا لحديثي الولادة، يبقى السؤال المثير للاهتمام هو: كيف يمكن لبعوضة أن تلسع إمرأة على جلدها، لينتقل الفيروس من الجلد إلى الرحم؟ الإجابة على السؤل ليست بالأمر الهين، لأن أغلب الفيروسات التي تنتقل عبر دم الأم الحامل لا تستطيع اختراق المشيمة.

استطاعت دراسة نشرت مؤخرا في مجلة (Cell Host and Microbe) توفير أدق اجابة حتى الآن حول كيفية انتقال الفيروس للمشيمة، واقترحت طريقة إصابة الفيروس لعدة أنواع من الخلايا المشيمية، وكذلك بينت آلية اختراقها للمشيمة.

أجريت الدراسة حول تأثير فيروس زيكا على 50 طبق مخبري يحتوي على خلايا مشيمية من مختلف مراحل الحمل، واستنتجت أن الفيروس يستطيع اختراق تلك الخلايا خلال جميع مراحل الحمل، ولكن الخطورة الأكبر تحدث عندما تصاب الخلايا المشيمية بالفيروس خلال الأشهر الثلاثة الأولى منه، بينما أقلها ضررا ستكون خلال الأشهر الثلاث الأخيرة، حيث تقل نسبة الأخطار.

استخدم العلماء، ومنهم العالمة ليونور بيريريا، المتخصصة في علم الفيروسات وأنسجة حيوية من جامعة كاليفورنيا سان فرانسسيكو، سلالتين من فيروس زيكا، الأول من أفريقا، والثاني من الوباء المنتشر في امريكا الجنوبية، واكتشفوا أن النوع الثاني هو الأكثر فتكا.

قالت كارولين كوين، عالمة ميكروبات في جامعة بيتسبرج أن الدراسة مهمة جدا لأنها: “تساعد في رسم خريطة طريق” للإصابة، “أود أن أقول أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، والتي تتعرف على نوع الخلية الرئيسية المستهدفة خلال انتقال الفيروس من الأم إلى جنينها”.

من العوامل التي تحد من انتقال الفيروس إلى المشيمة تتضمن الزغابات المشيمية التي ترسي المشيمة الى جدار الرحم خلال الأشهر الثلاث الأولى من الحمل. نقاط الإرساء تلك قد تكون نقاط ارتباط في الحائط المشيمي. واكتشف الباحثون أيضا أنه من السهل إصابة أنواع أخرى من الخلايا المشيمية، وتلك الآلية قد تتواجد أثناء الحمل، ولكن الخلايا الأكثر إصابة بالفيروس قد تفرز المزيد منه خلال تلك الفترة من الحمل.

واقترحت هذه الدراسة أيضا طريقا ثانيا لانتقال الفيروس الى الجنين، ابتداء من الأشهر الثلاثة الثانية، حيث يتضمن ذلك الطريق عبور الفيروس لحاجز يدعى بالحاجز السلوي المشيمائي الذي يشكل الكيس المشيمي، وأيضا قابلية الخلايا المكونة لذلك الحاجز للإصابة بالفيروس.

وذكرت إيفا هاريس، المختصة في علم الأمصال والأمراض المعدية في جامعة كاليفورنا بيركيلي:”تفاجئني معرفة أن خلايا الحاجز السلوي المشيمائي لها القدرة على محاربة ذلك الفيروس، ويبدو أن هذا هو الطريق الثاني للانتقال! ”

وتوصل العلماء أن حمضا أمينيا يرتبط بثبات في الغشاء الخارجي للفيروس مع البروتينات في عدة أنواع خلايا مشيمية يطلع عليه اسم(TIM1). ووجدوا أن نوع من المضادات الحيوية يدعى دورامايسين(Duramycin)، والذي تمت الموافقة عليه لعلاج الحيوانات، وليس البشر، له القدرة على منع فيروس زيكا على الارتباط مع (TIM1)، ولا يعني ذلك أنه من الممكن استخدام ذلك المضاد الحيوي لعلاج الحوامل المصابات بفيروس زيكا. وقال مدير مختبر برنامج علاجات الامراض المنسية والنادرة الفيدرالي، وي-زينج، الذي يختبر عدة ادوية محتملة لعلاج فيروس زيكا، أن جزيئات الدورامايسين كبيرة جدا ولا تستطيع اختراق الدماغ والوصول الى الجنين. وأضاف أيضا أن ذلك المضاد الحيوي يتم استخدامه في المراحل المبكرة في داء التليف الكيسي، وهو نفسه الديوراميسين، قد يحتاج الي المزيد من التجارب للتأكد من سلامته على النساء الحوامل.

وعلى حسب تفسير الدكتورة هاربس، أن الباحثين لم يقترحوا أن الديورامايسن، والذي يتم استخدامه في الأبحاث على الفئران المصابة بزيكا، قادر على مواجهة الفيروس وقابل للاستخدام المباشر. وإنما هدفهم الرئيسي في الدراسة هو توفير نموذج يستطيع اختبار علاجات محتملة لمنع فيروس زيكا من الإرتباط مع (TIM1).

وعلق عالم أعصاب من جامعة جونز هوبكنز يدعى هونج-جون سونغ، الذي عمل على بحث يفسر كيفية انتقال فيروس زيكا الى أدمغة الأجنة مع باحثين من جامعات أخرى: “هذا النموذج بالفعل قد يفيد ويوفر لنا فرضية قابلة للاختبار على الحيوانات، وله القدرة على تفسير طرق دخول الفيروس إلى أدمغة الأجنة”.

وأضافت الباحثة كوين أنه من المحتمل أن يجد العلماء طرقا أخرى لاختراق المشيمة من قبل الفيروس باستخدام بروتينات أخرى أو من خلال الارتباط مع أجسام مضادة لفيروسات مثل فيروس حمى الضنك التي انتشر مؤخرا في أمريكا الجنوبية. أحد الوظائف الحيوية للمشيمة هي نقل الاجسام المضادة للجنين، ولكن من المحتمل أن تحدث نتائج أخرى إذا ارتبط الفيروس بتلك الأجسام المضادة. وعلقت على ذلك: “يبدو ان الفيروس قادر على الاختراق بفعالية، وأعتقد أن لديه طرق اخرى للعبور غير التي سبق اكتشافها”.

مصدر الخبر: The New York Times، Cell Host & Microb

عن علي الناصر

طالب بكالوريوس في جامعة الكويت - كلية العلوم الطبية المساعدة - قسم المختبرات الطبية. عضو في معهد العلوم الطبية الحيوية (IBMS). اهتماماتي غالبا ما تصب في مجالات العلوم الطبية الحيوية. ولدي اهتمامات متعددة في علوم الفيزياء والكيمياء.

شاهد أيضاً

منعطف تاريخي في إطلاق الصواريخ من سبيس إكس

أنزلت سبيس إكس (SpaceX) المرحلة الأولى من صاروخها فالكون 9 (Falcon 9)، واستخدمت الكبسولة “تنين” …

اترك رد